الأخبارمقالات الرأي

إسلام خالد: الصراع بين الصين وأمريكا ليس أزمة… بل بداية نظام عالمي جديد

مقال : المهندس إسلام خالد – استشاري التكنولوجيا

ما يحدث اليوم بين الصين وأمريكا ليس مجرد خلاف اقتصادي. في الواقع، هو بداية تحول كبير في النظام العالمي. الصراع لم يعد حول المنتجات أو الرسوم الجمركية فقط، بل انتقل إلى السيطرة على التكنولوجيا، النفوذ، وحتى العملة العالمية.

المهندس إسلام خالد - استشاري التكنولوجيا
المهندس إسلام خالد – استشاري التكنولوجيا

صراع الصين وأمريكا

في الماضي، كانت الصين تصنع المنتجات مثل الملابس والإلكترونيات، ثم تُصدّرها إلى أمريكا. هناك، توضع عليها علامات تجارية مثل Nike، وتُباع بأضعاف تكلفتها. الكثيرون ظنوا أن الصين ستظل تلعب هذا الدور: تنفذ فقط، دون أن تسأل أو تخطط.

لكن، في عام 2015، تغيرت قواعد اللعبة. الصين أطلقت خطة “صنع في الصين 2025”. لم يكن الهدف إنتاج المزيد من الهواتف، بل صناعة الرقائق الإلكترونية داخل الصين. ولم تكن تريد شراء الذكاء الاصطناعي، بل تطويره محليًا، ثم تصديره للعالم.

أمريكا ترد بسرعة… وتشعر بالخطر

الولايات المتحدة أدركت الأمر سريعًا. رأت أن هذا التطور لا يتعلق بالصناعة فقط، بل هو مشروع هيمنة كامل. لذلك، في عام 2018، بدأت أولى ضرباتها. الرئيس السابق دونالد ترامب فرض رسومًا جمركية بقيمة 250 مليار دولار على السلع الصينية.

وبرر ذلك بأن الصين تسرق التكنولوجيا وتضر الاقتصاد الأمريكي. لكن الحقيقة كانت أعمق. أمريكا كانت خائفة. خافت من تفوق الصين، ليس فقط في الصناعة، بل في التكنولوجيا والقرار السياسي.

الهجوم على هواوي… والسيطرة على 5G

في عام 2019، اتخذت أمريكا خطوة أكبر. منعت شركة هواوي من التعامل مع شركات أمريكية مثل Google وQualcomm. هذه الخطوة لم تكن ضد هواوي فقط، بل ضد من يمتلك تقنيات الجيل الخامس.

فمن يملك 5G يملك مفاتيح المستقبل: البيانات، الشبكات، العقول. وبالتالي، من يسيطر على هذه التكنولوجيا يسيطر على العالم.

الصين ترد بهدوء… لكنها تخطط لضربة أقوى

  • لم تصرخ الصين.
  • لم تعقد مؤتمرات.
  • لم تهاجم أمريكا بالكلام.

بدلًا من ذلك، بدأت في بناء مصانع جديدة لإنتاج الرقائق. استثمرت المليارات في شركاتها المحلية. وبدأت تستعد للمرحلة التالية.

2023… هواوي تكسر الحصار

في عام 2023، أطلقت هواوي هاتفًا جديدًا يعمل بشريحة 7 نانومتر. الأهم أن هذه الشريحة صُنعت بالكامل داخل الصين. هذه الخطوة فاجأت الجميع. وبدأ العالم يتساءل: كيف فعلت الصين ذلك؟

الإجابة كانت بسيطة: بالصبر، بالاستثمار، وبالعمل خارج قواعد اللعبة الأمريكية.

2024… ضربة صامتة تهز الدولار

في عام 2024، وجهت الصين ضربة جديدة، لكن هذه المرة كانت مختلفة. بدأت توقّع صفقات بترول وسلع استراتيجية بعملتها المحلية، اليوان، بدلًا من الدولار. عقدت اتفاقات مع روسيا، إيران، والسعودية.

ومن هنا، بدأ يظهر مفهوم جديد: “البترُويُوان”. لأول مرة، وُجد بديل حقيقي للدولار الأمريكي، ليس من خلال القوة العسكرية، بل عبر الاقتصاد والتخطيط.

2025… التصعيد بين الصين وأمريكا يصل ذروته

في مارس 2025، ردت أمريكا بعصبية. فرضت رسومًا جمركية بنسبة 145% على السلع الصينية. الصين لم تسكت. فرضت رسومًا بنسبة 125%، وبدأت تقليل صادراتها من المعادن النادرة التي تعتمد عليها الصناعات الغربية.

النتيجة كانت سريعة: ارتفاع التضخم في أمريكا، اضطراب الأسواق، وتأثر سلاسل الإمداد حول العالم. لم تعد الضربات تؤذي الصين وحدها.

إسلام خالد: الصراع بين الصين وأمريكا ليس أزمة... بل بداية نظام عالمي جديد
إسلام خالد: الصراع بين الصين وأمريكا ليس أزمة… بل بداية نظام عالمي جديد

معركة الصين وأمريكا على قيادة العالم

هذا ليس مجرد خلاف عابر. في الواقع، ما نراه اليوم هو صراع عميق على شكل النظام العالمي القادم. السؤال لم يعد: من الأقوى اقتصاديًا؟ بل أصبح: من سيقود؟ ومن سيضطر للانضمام والاتباع فقط؟

من ناحية أخرى، تتحرك الصين بخطوات مدروسة وواثقة نحو القمة. في المقابل، كل ضربة أمريكية تُوجه إلى الصين، بدأت ترتد تدريجيًا داخل بنية النظام الأمريكي نفسه، سواء اقتصاديًا أو سياسيًا.

لذلك، ما يحدث الآن لا يمكن حصره في نزاع على شحنة بضائع أو شركة تكنولوجيا. بل هو معركة شاملة على المستقبل، معركة على من يملك القرار، ومن يسيطر على التكنولوجيا، ومن يحسم قواعد اللعبة العالمية القادمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى