الأخبارمقالات الرأي

إسلام خالد يكتب: أبل وسر التراجع عن حلم “صنع في أمريكا”: كيف خسرت تكساس الرهان؟

مقال: المهندس إسلام خالد استشاري التكنولوجيا

في عام 2013، فجّرت أبل مفاجأة كبرى عندما أعلنت تصنيع جهازها الاحترافي Mac Pro داخل الولايات المتحدة، بدلًا من مصانعها التقليدية في الصين.
استثمرت أكثر من 100 مليون دولار واختارت مصنعًا في مدينة أوستن بولاية تكساس. وقتها رفعت شعارًا طموحًا:
“هذه المرة… الجهاز Made in USA”.

في تلك اللحظة، بدا أن كل شيء يسير نحو قصة نجاح أمريكية جديدة.

الواقع يصدم الجميع: الإنتاج الأمريكي لا يشبه مصانع الصين

مع بدء الإنتاج، بدأت التحديات تتكشف.
خطوط التصنيع الأمريكية لم تستطع مواكبة سرعة وكفاءة المصانع الصينية.
عمال التجميع كانوا أقل خبرة في التعامل مع المكونات الدقيقة، ومن ثم تسبب في ارتفاع التكاليف بشكل كبير وتأخر تسليم الأجهزة إلى العملاء.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد.

كارثة سلاسل التوريد: قطع أبل تدور نصف العالم للوصول

بينما كانت أبل تحاول دفع عجلة الإنتاج، اكتشفت أن معظم مكونات جهاز Mac Pro – من معالجات ولوحات إلكترونية إلى شرائح الذاكرة – تُصنع أساسًا في آسيا.

كما احتاجت كل قطعة إلى رحلة طويلة ومكلفة عبر المحيط الهادئ قبل أن تصل إلى أوستن.

هذا التأخير اللوجستي رفع التكلفة بشكل ضخم وجعل التجميع داخل أمريكا عملية معقدة وغير اقتصادية على الإطلاق.

أزمة العمالة: المهارة وحدها لا تكفي

رغم مهارة العمال الأمريكيين، إلا أن ثقافة العمل كانت مختلفة تمامًا.
في الصين، المصانع معتادة على ضغط الجداول الزمنية والتسليم السريع.
أما في تكساس، فتوقف خطوط الإنتاج كان أمرًا متكررًا، مما أدى إلى المزيد من التأخير وفقدان ثقة العملاء.

أبل وجدت نفسها لأول مرة في موقف محرج أمام جمهورها.

القرار الصعب: العودة إلى مصانع الصين

بعد كل هذه التحديات، بدأت أبل تطرح سؤالًا مصيريًا:
“هل كان قرار التصنيع المحلي صائبًا أصلًا؟”

الإجابة جاءت بسرعة.
الشركة تراجعت عن خطتها وعادت للاعتماد على مصانع فوكسكون في الصين، حيث الكفاءة العالية وسرعة التوريد.
ومنذ ذلك الحين، أصبح حلم تصنيع أجهزة أبل داخل أمريكا مجرد فكرة جميلة، لكنها بعيدة عن الواقع الصناعي.

هل يتغير المشهد مستقبلًا؟

اليوم، الصين ما تزال تحتفظ بلقب “مصنع العالم”.
ومع تعقيدات سلاسل التوريد العالمية وزيادة المنافسة، يظل السؤال مفتوحًا:
هل تستطيع أمريكا أو أي دولة أخرى كسر هذا الاحتكار يومًا ما؟ الأيام وحدها ستجيب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى