وسط تساؤلات متزايدة حول مستقبل سعر صرف الجنيه المصري، تظهر في الأفق مؤشرات تدعو للتفاؤل بإمكانية تجنّب تعويم جديد خلال عام 2025.
ويعزز هذا التفاؤل التحسن التدريجي في النظرة الدولية للاقتصاد المصري، مدعومًا بجملة من التطورات الإيجابية محليًا ودوليًا.
مرونة مُدارة بدلًا من تعويم مفاجئ
على الرغم من استمرار التحديات الاقتصادية، لا سيما ارتفاع تكلفة الاستيراد وأعباء الديون الخارجية، يؤكد عدد من المحللين أن الظروف الحالية لا تستوجب خفضًا حادًا لقيمة الجنيه.
في المقابل، يوصون باتباع سياسة مرونة مُدارة في سعر الصرف، تتيح تحركًا تدريجيًا وفقًا لقوى السوق، بما يقلل من احتمالات حدوث اضطرابات مفاجئة.
علاوة على ذلك، أكدت الحكومة المصرية عدم وجود نية لتعويم جديد، مشيرة إلى أن تصريحات صندوق النقد الأخيرة استندت إلى معطيات سبقت تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الحديثة.
تحسن ملموس في المؤشرات الاقتصادية
في هذا السياق، سجلت مجموعة من المؤشرات الاقتصادية أداءً إيجابيًا.
فقد ارتفعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنسبة 42.6% خلال الأشهر التسعة الأولى من 2024.
بالتوازي، حقق قطاع السياحة أداءً قويًا ساهم في دعم احتياطي النقد الأجنبي.
من ناحية أخرى، يتوقع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد المصري بمعدل 5% على المدى المتوسط، مدعومًا بالإصلاحات الهيكلية وتزايد ثقة المستثمرين.
تدفقات مالية واستثمارات داعمة
إضافة إلى ما سبق، لعب الدعم الدولي دورًا محوريًا في تعزيز الاستقرار.
فقد حصلت مصر على قرض بقيمة 8 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، إلى جانب صفقات استثمارية كبرى، أبرزها مشروع “رأس الحكمة” مع الإمارات بقيمة 35 مليار دولار.
نتيجة لذلك، تحسنت السيولة الأجنبية، وبدأت الضغوط على الجنيه في التراجع.
استقرار في سوق الصرف الرسمي
تشير تحركات سعر الصرف إلى حالة من الاستقرار النسبي، حيث يتراوح سعر الدولار حاليًا بين 50.5 – 51 جنيهًا.
ومن اللافت اختفاء السوق الموازية، مما يعكس تحسنًا في فاعلية السياسات النقدية.
كما يُتوقع أن يستمر هذا النطاق السعري حتى نهاية عام 2025، إذا ما استمرت الظروف الداعمة الحالية.
تحديات قائمة… وسياسات لمعالجتها
رغم كل ما سبق، لا تزال مصر تواجه تحديات ملحوظة، منها:
- معدل تضخم مرتفع (24.1% في ديسمبر 2024).
- عجز في الحساب الجاري بنسبة 5.8% من الناتج المحلي الإجمالي.
ولمواجهة هذه التحديات، تتبنى الحكومة خطة إصلاح اقتصادي ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية:
- البدء في خفض تدريجي لأسعار الفائدة خلال الربع الأول من 2025، بالتوازي مع الحفاظ على استقرار الأسعار.
- تعزيز الصادرات غير النفطية لتقليل الاعتماد على الواردات وتحسين الميزان التجاري.
- تحويل الدعم العيني إلى دعم نقدي لضمان عدالة التوزيع وكفاءة الإنفاق العام.
تفاؤل مشروط بالاستمرار في الإصلاح
بناءً على ما تقدم، يعكس المزاج العام لدى الأسواق والمراقبين ثقة متزايدة في قدرة الاقتصاد المصري على التعافي وتحقيق النمو.
ومع ذلك، يبقى هذا التفاؤل مشروطًا بمواصلة الإصلاحات الاقتصادية، خصوصًا في ما يتعلق بتعزيز تنافسية الصادرات والسيطرة على التضخم.
إذا نجحت الحكومة في تحقيق ذلك، مع الحفاظ على شبكات الحماية الاجتماعية، فمن المرجح أن تتجنب البلاد تعويمًا جديدًا في 2025، مما يمهد الطريق نحو مرحلة من الاستقرار والنمو المستدام.