هل ينهي الذكاء الاصطناعي دور المصورين؟ البرومبت الجاهز يفتح بابًا جديدًا لعصر الصور الذكية

في السنوات الأخيرة، لم يعد المصور هو الوحيد القادر على إنتاج صورة مدهشة. اليوم، يستطيع أي شخص أن يكتب البرومبت الجاهز — جملة واحدة تصف المشهد المطلوب — ليحصل في ثوانٍ على صورة تبدو وكأنها خرجت من عدسة محترف.
هذا التحول لم يأتِ من فراغ، بل تقوده أدوات متطورة لتوليد صور الذكاء الاصطناعي مثل Midjourney وSeedream وDALL·E وLeonardo AI، التي حوّلت الكتابة إلى وسيلة إبداع بصرية. ومع تصاعد تريند الصور بالذكاء الاصطناعي على مواقع التواصل، بدأ السؤال الصعب:
هل نحن أمام نهاية دور المصورين؟
رأي الفريق الأول: الذكاء الاصطناعي سيستبدل المصورين
يؤمن كثيرون أن مستقبل التصوير سيتحول بالكامل إلى الذكاء الاصطناعي.
فبفضل البرومبتات الجاهزة المنتشرة على الإنترنت، يستطيع أي شخص إنتاج مئات الصور في دقائق دون كاميرا أو إضاءة أو مواقع تصوير.
هؤلاء يرون أن الفارق بين الصورة الملتقطة بعدسة بشرية وتلك التي يولدها الذكاء الاصطناعي بدأ يختفي.
بل إن بعض الصور الفائزة في مسابقات فنية عالميًا تبيّن لاحقًا أنها من إنتاج الذكاء الاصطناعي، مما زاد المخاوف من تراجع القيمة المهنية للمصورين التقليديين.
كما أن سرعة العمل تمثل عنصر تفوق واضحًا.
ففي حين يحتاج المصور إلى ساعات أو أيام للتحضير والتقاط الصور ثم تعديلها، ينتج الذكاء الاصطناعي عشرات النماذج في ثوانٍ، وبجودة تصل إلى 2K و4K.
رأي الفريق الثاني: لا غنى عن عين المصور
في المقابل، يرى محترفو التصوير أن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه إلغاء “العين البشرية” التي تلتقط الروح قبل الشكل.
فمهما تطورت الخوارزميات، تظل الصورة الحقيقية مرتبطة باللحظة والمكان والإحساس.
يشير مصورون عالميون إلى أن ما يميز العمل الإنساني ليس الدقة التقنية، بل الرسالة والعمق العاطفي.
فصورة لطفل في مخيم لاجئين أو لحظة إنسانية في الشارع لا يمكن اختزالها في برومبت جاهز مهما كان مدروسًا.
ويرى آخرون أن أدوات الذكاء الاصطناعي هي “فرشاة جديدة” لا أكثر، تساعد المصورين على الإبداع بدلاً من أن تحل محلهم.
فقد أصبحت بعض استوديوهات الإعلانات تستخدم صورًا مولدة بالذكاء الاصطناعي لتوضيح الفكرة قبل جلسة التصوير الحقيقية، مما يجعل العملية أكثر دقة وكفاءة.
رأي الوسط: التكامل هو المستقبل
هناك رأي ثالث أكثر توازنًا، يؤكد أن العلاقة بين المصور والذكاء الاصطناعي يجب ألا تكون صراعًا، بل شراكة.
فالمصور الذكي هو من يتعلم استخدام أدوات توليد الصور لتوسيع قدراته الإبداعية، وليس من يقاومها.
في هذا الاتجاه، ظهرت وظيفة جديدة تُعرف باسم “مهندس البرومبتات” (Prompt Engineer)، وهو الشخص الذي يعرف كيف يكتب جملة تصف بدقة المشهد المطلوب.
هذا التخصص أصبح مطلوبًا بشدة في مجالات الدعاية والتسويق وصناعة المحتوى.
وبذلك، لم يعد المصور مجرد ملتقط صورة، بل أصبح “مصمم مشهد” يستخدم النص والتقنية معًا.
ففي عالم تتقاطع فيه الكاميرا مع الخوارزمية، تتراجع الفواصل بين الإبداعين البشري والآلي لصالح تجربة بصرية أكثر تنوعًا.
الواقع الحالي: الصور الاصطناعية تهيمن على السوشيال ميديا
من يتابع تريندات “إنستغرام” و“إكس” و“تيك توك” سيلاحظ طوفانًا من صور الذكاء الاصطناعي التي يصعب تمييزها عن الحقيقية.
من مناظر طبيعية خيالية إلى بورتريهات واقعية ولقطات سينمائية… كلها وُلدت من “برومبتات جاهزة” يتم تداولها على نطاق واسع.
تحت هذا الزخم، باتت الحدود بين الواقع والخيال أكثر ضبابية.
لكن اللافت أن الجمهور لا يبدو متضررًا من ذلك — بل منبهرًا.
فالجمال البصري أصبح هدفًا في ذاته، بغض النظر عن مصدره.
الحقيقة الأقرب: الذكاء الاصطناعي لا ينهي التصوير بل يطوّره
بعد تحليل الآراء المختلفة، يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي لم يلغِ دور المصورين، بل أجبرهم على التطور.
فكما لم تُلغِ الكاميرا الرقمية المصورين الفيلميين بل غيّرت أدواتهم، كذلك تفعل خوارزميات الذكاء الاصطناعي اليوم.
المصور الذي يتقن كتابة البرومبت الجاهز ويستفيد من أدوات التوليد البصري سيصبح أكثر قدرة على التعبير.
أما من يرفض التعلم والتجربة، فسيجد نفسه خارج السوق بمرور الوقت.
في النهاية، التكنولوجيا لا تقتل الموهبة، لكنها تكشفها.
فمن يملك عين الفنان سيبقى مبدعًا، سواء حمل كاميرا أو كتب جملة تلهم خوارزمية.

خلاصة:
-
الذكاء الاصطناعي لا يلغي الفن، بل يفتح بابًا جديدًا له.
-
البرومبتات الجاهزة جعلت من الكلمة أداة بصرية.
-
المصور الحديث هو من يجمع بين الحس الإنساني والتقنية.
-
“تريند الصور بالذكاء الاصطناعي” ليس خطرًا على الإبداع… بل هو فرصة لإعادة تعريفه.