السر الذي حوّل القمامة إلى كنز في مصر… قصة تطبيق بيكيا الذي غيّر مفهوم التدوير

في وقتٍ كان فيه مفهوم تدوير المخلفات مجرد فكرة نظرية في أذهان الشباب، ظهر تطبيق بيكيا ليقدّم نموذجاً مختلفاً ومبتكراً يغيّر النظرة إلى القمامة تماماً. فكرة التطبيق بسيطة لكنها عبقرية في الوقت نفسه: كل ما يعتبره البعض نفايات يمكن أن يتحول إلى مصدر دخل وحياة أفضل. من البلاستيك والورق إلى الأجهزة الإلكترونية القديمة والزيوت المستعملة، أصبح لكل شيء قيمة.
انطلق المشروع من القاهرة، في محاولة لخلق وعي جديد حول أهمية تدوير المخلفات ودورها في بناء اقتصاد دائري حقيقي داخل مصر. ومع الوقت، تحوّل تطبيق بيكيا إلى منصة متكاملة تجمع بين التكنولوجيا والاستدامة، وتساعد المستخدمين على التخلص من مخلفاتهم بطريقة آمنة مقابل مقابل مادي حقيقي.
كيف يعمل تطبيق بيكيا؟
آلية عمل تطبيق بيكيا بسيطة وسهلة الاستخدام، ما جعله ينتشر بسرعة في أحياء القاهرة والجيزة وعدد من المحافظات الأخرى. يقوم المستخدم بتحميل التطبيق على هاتفه، ثم يحدد نوع المخلفات التي يرغب في التخلص منها، سواء كانت ورقاً، بلاستيك، معادن، أو حتى أجهزة إلكترونية قديمة. بعد ذلك، يختار الوقت المناسب، ليصل فريق مختص من الشركة إلى العنوان المحدد لجمع المخلفات وتسعيرها.
يتم تحويل المقابل المادي مباشرة إلى محفظة المستخدم الإلكترونية، أو يمكن استبداله برصيد هواتف محمولة أو منتجات مختلفة.. ما جعل التجربة أكثر مرونة وتحفيزاً للمشاركة. بهذه الطريقة، نجح التطبيق في خلق علاقة تبادلية بين المواطن والبيئة، حيث يستفيد الفرد مادياً وتستفيد البيئة من خفض النفايات.
أثر بيكيا في المجتمع والبيئة
لم يقتصر تأثير تطبيق بيكيا على الجانب الاقتصادي فقط، بل امتد إلى بناء وعي بيئي متزايد بين الشباب والأسر المصرية. فقد أصبح التطبيق أداة عملية لترسيخ مفهوم الاقتصاد الدائري، حيث تعود المواد إلى دورة الإنتاج بدلاً من أن تذهب إلى المقالب أو تلوّث النيل والطرق العامة. كما ساهم التطبيق في توفير فرص عمل للشباب في مجالات الجمع والنقل والفرز، ما يعزز دوره الاجتماعي.
مؤسسو تطبيق بيكيا وبداية الانطلاق
تأسس تطبيق بيكيا عام 2017 على يد مجموعة من الشباب المصريين الطموحين الذين أرادوا تحويل فكرة “الزبالة ثروة” إلى واقع ملموس. بدأوا المشروع بإمكانات محدودة، لكن بإيمان كبير أن مصر بحاجة إلى حلول ذكية لمشكلة القمامة. عمل الفريق على تطوير منصة رقمية سهلة الاستخدام تربط بين المواطن ومراكز التدوير.. لتتحول الفكرة إلى مشروع ريادي ناجح يحظى بدعم مؤسسات محلية ودولية.
اليوم، بات اسم “بيكيا” مرادفاً للابتكار والمسؤولية البيئية، حيث يواصل التطبيق التوسع وتحديث خدماته.. مستفيداً من التطور التكنولوجي وازدياد الوعي العام بأهمية إعادة التدوير. وبينما تحوّل المخلفات إلى قيمة مادية ملموسة.. تظل قصة تطبيق بيكيا دليلاً على أن التغيير يبدأ من فكرة صغيرة قادرة على صنع فارق كبير في حياة الناس.
مستقبل ريادة الأعمال البيئية في مصر
قصة تطبيق بيكيا ليست مجرد نجاح فردي.. بل إشارة قوية إلى أن الشباب المصري يمتلك القدرة على الابتكار وتقديم حلول حقيقية لمشكلات المجتمع. فريادة الأعمال البيئية أصبحت أحد أهم المسارات المستقبلية في ظل التوجه العالمي نحو الاقتصاد الأخضر وتقليل الانبعاثات. ومع الدعم الحكومي والمبادرات المحلية.. يمكن أن نشهد خلال السنوات القادمة عشرات المشاريع المشابهة التي توظّف التكنولوجيا لخدمة البيئة وتحسين جودة الحياة في مصر والعالم العربي.