في إطار التزامها ببرنامج الإصلاح الاقتصادي، تتجه الحكومة المصرية إلى إلغاء الدعم الشامل للوقود. وبدلًا من ذلك، تعتزم تطبيق دعم نقدي موجه لصالح الفئات الأكثر احتياجًا، على أن يتم التنفيذ الكامل قبل نهاية عام 2025. وجاء هذا القرار كجزء من الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، الذي يشترط تحرير أسعار الوقود وربطها بالأسعار العالمية، لتقليل الضغط المالي على الدولة.
تحول تدريجي في آلية الدعم
أكدت الحكومة أنها ستنفذ هذا التحول بشكل تدريجي. وستقوم بصرف تعويضات نقدية مباشرة للمواطنين المتضررين. وقد جاء القرار في ظل الارتفاع الكبير في تكلفة دعم الوقود، والتي بلغت نحو 154 مليار جنيه في موازنة 2024/2025. كما ساهم الانخفاض الحاد في سعر صرف الجنيه المصري، الذي تراجع بنسبة 55% خلال مارس 2024، في تعميق الأزمة.
تداعيات اقتصادية واجتماعية واسعة
ارتفاع أسعار الوقود تسبب في زيادة واضحة في تكاليف النقل والسلع الأساسية. هذا التأثير طال بشكل خاص الفئات ذات الدخل المتوسط والمنخفض. على سبيل المثال، ارتفع سعر لتر بنزين 92 من 5 جنيهات عام 2017 إلى 17.25 جنيه في أبريل 2025.
إلى جانب ذلك، تشير التقديرات إلى أن 70% من وسائل النقل في مصر تعتمد على السولار، الذي لا يزال مدعومًا. وتتحمل خزينة الدولة تكلفة سنوية تُقدّر بـ90 مليار جنيه نتيجة هذا الدعم.
التحرير الكامل للأسعار نهاية 2025
بحسب الجدول الزمني المعتمد، ستقوم الحكومة بتحرير أسعار الوقود بالكامل بنهاية العام الجاري. وتشرف لجنة التسعير التلقائي على مراجعة الأسعار كل ثلاثة أشهر، مستندةً إلى أسعار النفط العالمية وسعر صرف الدولار.
تحذيرات الخبراء ودعوات للترشيد
يرى خبراء اقتصاديون أن هذا التحول قد يشجع المواطنين على تقليل استهلاك الوقود والاعتماد على وسائل النقل العام. كما قد يدفع البعض إلى شراء سيارات موفرة للطاقة. في المقابل، حذّر مراقبون من الآثار الاجتماعية السلبية، خاصة في ظل اعتماد أكثر من 23 مليون أسرة على بطاقات التموين المدعومة.
الموازنة بين الإصلاح والحماية الاجتماعية
تحاول الحكومة المصرية تحقيق توازن صعب بين تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية ومراعاة البعد الاجتماعي. ويُعدّ هذا التحدي أكثر تعقيدًا في ظل التضخم المرتفع، الذي بلغ 26.4% في سبتمبر 2024. ويبقى نجاح هذه الخطوة مرهونًا بفعالية آلية الدعم النقدي في حماية الفئات الأضعف.