الأخبارمقالات الرأي

استشاري التحول الرقمي عصام لالا يكتب.. هل يُقال الوزير أم يستقيل أم يبقى؟

بقلم:عصام لالا استشاري التحول الرقمي

أثار تصريح السيد الرئيس منذ أيام بأن «مصر لو كانت بدأت الاهتمام بتكنولوجيا المعلومات منذ ثلاثين عامًا لكانت اليوم في مكان مختلف تمامًا» تساؤلًا جوهريًا حول دور وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، خاصة حين تعبّر القيادة عن انطباعات عفوية تمس جوهر عمل وزارته.

خلفية عن وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات

الوزير الحالي، الذي شغل سابقًا منصب رئيس شركة IBM مصر، ينتمي إلى مدرسة الشركات العالمية الكبرى مثل مايكروسوفت وسيسكو وأوراكل، وهي الشركات التي تمتلك نفوذًا واسعًا في توجيه قرارات الشراء الحكومية، وتعرف جيدًا كيف تدير مصالحها مع صناع القرار.

ورغم الاحترام الكامل لتاريخ تلك المؤسسات وصداقاتي بالكثيرين من أبنائها، إلا أن تأثيرها المتراكم جعل من المنظومة التكنولوجية المصرية ساحة تنفيذ أكثر منها صناعة قرار.

الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات
الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات

الإنجازات المعلنة مقابل الواقع

خلال أحد عشر عامًا من حكم الرئيس الحالي، حاول الوزراء المتعاقبون — خاصة الوزير الحالي والسابق — إظهار إنجازات لامعة في قطاع تكنولوجيا المعلومات، مثل مشروع عقل الدولة تحت الأرض بعشرين مترًا الذي تكلف عدة مليارات من الجنيهات.

لكن الحقيقة أن ملف التحول الرقمي ظل يدار فعليًا من خارج الوزارة، بالتنسيق مع جهات مثل الرقابة الإدارية والمخابرات العامة.. ووزارة الدفاع، دون وجود كيان مهني واحد يمتلك الرؤية والصلاحيات الكاملة كما هو الحال في الدول التي سبقتنا.

إدارة التحول الرقمي بين الأمن والتنمية

اكتفى الوزراء بالبقاء في مناصبهم مقابل الالتزام الحرفي بالتوجيهات الأمنية.. وتجنب أي نقاش جاد حول كيفية انطلاق مصر نحو التحول الرقمي الحقيقي.

النتيجة أن مصر تقبع اليوم في المركز 95 عالميًا في مؤشر الحكومة الرقمية الصادر عن الأمم المتحدة لعام 2024، بينما واصلت الإمارات تقدمها إلى المركز 11، أما السعودية فقد حققت قفزة غير مسبوقة بالوصول إلى المركز السادس بعدما كانت في المرتبة (52).

ويرجّح أن الوزير لم يُحاول ذكر هذا الترتيب للرئيس حتى لا يبقى في ذاكرته.

الدرس من التجربة السعودية

تقدم التجربة السعودية مثالًا ملهمًا،فعندما أدرك ولي العهد محمد بن سلمان أن قيود الجهات الأمنية تعيق عمل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات؛ جمع الوزير المسؤول عبدالله السواحة والقيادات الأمنية على طاولة واحدة، لتُرفع العوائق ويبدأ التكامل الفعلي بين الأمن والتنمية.

ومن هنا انطلقت ثورة التحول الرقمي السعودي ضمن رؤية المملكة 2030.

أسئلة مشروعة حول مستقبل الوزارة في مصر

هل سيقيل الرئيس وزير الاتصالات طالما أنه يكثر من تمجيد الإنجازات ويتجنب الاعتراف بالواقع وبالمشكلات التي تعيق انطلاق وزارته؟
الإجابة: لا.

وهل سيستقيل الوزير لأنه لا يجد المساحة الكافية للعمل بحرية من الجهات الأمنية؟
الإجابة أيضًا: لا.

الواقع أن الوزير، ورئيس الوزراء، وكل مسؤول يعرف كيف يحافظ على مقعده، لكن الثمن الحقيقي تدفعه مصر في بطء الإصلاح.. والتطوير الإداري وتراجع الابتكار، لأن ما ينقصنا ليس الموارد أو العقول، بل شجاعة الاعتراف والقدرة على اتخاذ القرار.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى