في خضم الحرب التجارية… هل تمتلك الصين “سلاحًا ماليًا” ضد الولايات المتحدة؟
في ظل التصعيد الاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة، يتجدد النقاش حول قدرة بكين على استخدام سندات الخزانة الأميركية كورقة ضغط استراتيجية. إذ تمتلك الصين نحو 1.1 تريليون دولار من هذه السندات، ما يجعلها ثاني أكبر دائن خارجي لواشنطن.
ورغم أن هذا الرقم يبدو “سلاحًا ماليًا هائلًا”، فإن استخدامه محفوف بمخاطر قد تتجاوز فوائده.
معضلة البيع: من يملك الورقة… ومن يجرؤ على اللعب بها؟
يعتقد بعض المحللين أن بيع الصين لجزء من هذه السندات قد يرفع أسعار الفائدة الأميركية، ويُحدث اضطرابًا في الأسواق العالمية.
لكن هذه الخطوة ستعود بنتائج عكسية على الصين أيضًا. إذ ستنخفض قيمة ما تبقى من حيازاتها، وسيتضرر اليوان، ما يضعف القدرة التنافسية للصادرات الصينية.
وقد شدد وزير الخزانة الأميركي الأسبق على أن امتلاك هذه السندات لا يمنح الصين نفوذًا مطلقًا، بل يقيّد تحركاتها ضمن نظام مالي عالمي مترابط.
سلوك المستثمرين الصينيين يروي الكثير
تقرير حديث صادر عن دويتشه بنك كشف أن المستثمرين الصينيين بدأوا فعليًا في تقليص حيازاتهم من سندات الخزانة الأميركية.
لكن هذه التحركات جاءت بهدوء، دون قرارات مفاجئة أو بيع مكثف.
وبحسب ليليان تاو، رئيسة قطاع مبيعات اقتصاد الصين الكلي في دويتشه بنك، فإن المستثمرين أصبحوا أكثر تحفظًا.
لقد قللوا اعتمادهم على الدولار، وبدأوا بتوجيه استثماراتهم نحو أدوات دين أوروبية ويابانية، بالإضافة إلى الذهب.
هذا التوجه يعكس قناعة عميقة بأن التخلي عن الأصول الأميركية يجب أن يتم تدريجيًا، وبطريقة مدروسة لا تُربك الأسواق.
من الأزمة إلى الحذر: دروس ما بعد 2015
في عام 2015، اضطرت الصين لاستخدام جزء من احتياطاتها لدعم اليوان.
ومنذ ذلك الحين، باتت أكثر حذرًا في استخدام أدواتها المالية بشكل مباشر.
لم تلوّح الصين علنًا باستخدام “سلاح السندات” حتى في ذروة الحرب التجارية خلال عهد ترامب.
واختارت بدلًا من ذلك تثبيت عملتها، وتجنّب التصعيد المالي.
إلى أين تتجه الأموال؟
إذا قررت الصين بيع سندات الخزانة الأميركية، يبرز سؤال مهم: أين ستستثمر هذه العائدات؟
هل ستدعم اليوان؟ أم تحتفظ بالدولار؟ أم تتجه إلى أسواق أخرى؟
تقرير دويتشه بنك يوضح أن المستثمرين الصينيين بدأوا بالفعل بتوجيه الأموال نحو السندات الألمانية، وأسواق إيطاليا وإسبانيا، والذهب.
لكن بعض الدول قد تتردد في استقبال تدفقات مالية ضخمة فجائية، وقد تفرض قيودًا أو شروطًا عليها.
ورقة ضخمة… لكنها مربوطة الأيدي
تمتلك الصين ورقة مالية كبيرة، لكنها لا تستطيع استخدامها بسهولة دون أن تدفع الثمن.
فأي هزة عنيفة في سوق السندات الأميركية ستؤثر على الاقتصاد العالمي، بما في ذلك الاقتصاد الصيني.
في ظل هذا الواقع، يبدو أن بكين تراهن على الحذر والاستثمار المتدرج، لا على الضغوط المفاجئة.