في خطوة استباقية تهدف إلى ضمان استقرار إمدادات الطاقة وتلبية الطلب المتوقع، خاصة خلال أشهر الصيف التي تشهد ذروة الاستهلاك، تبذل الحكومة المصرية جهودًا مكثفة لتعزيز وتحديث شبكة الكهرباء الوطنية.
وبالتوازي مع ذلك، تمضي مصر بخطى ثابتة نحو تحقيق تحول جذري في مزيج الطاقة. ويأتي هذا التحول من خلال تبني استراتيجية شاملة تركز على توسيع قاعدة إنتاج الطاقة وتنويع مصادرها. كما تُعطى الأولوية القصوى لمشاريع الطاقة المتجددة التي تساهم في تحقيق التنمية المستدامة وتقليل الانبعاثات.
تعزيز شبكة الكهرباء الوطنية
تولي الحكومة المصرية اهتمامًا كبيرًا برفع كفاءة شبكة الكهرباء الوطنية وقدرتها على استيعاب الأحمال المتزايدة. في هذا السياق، أعلن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عن تخصيص مليار دولار لمواجهة أزمة الكهرباء في صيف 2025. وأوضح أن وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة وضعت خطة شاملة لتأمين التغذية الكهربائية، بالتعاون مع وزارة البترول والثروة المعدنية. تهدف هذه الخطة إلى سد الفجوة المتوقعة في الطلب على الكهرباء وتوفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات.
علاوة على ذلك، أكدت الحكومة على عدم اللجوء إلى تخفيف الأحمال مرة أخرى، مما يعكس التزامًا واضحًا بتوفير خدمة مستقرة للمواطنين. وفي إطار هذه الخطة، سيتم إضافة 1150 ميغاواط من القدرات الإنتاجية الجديدة. كما خصصت الدولة 63 مليار جنيه مصري لتطوير الشبكة بحلول نهاية السنة المالية 2024-2025.
وتتضمن هذه الاستثمارات خططًا لتحسين كفاءة الشبكة، مع تحديث البنية التحتية وتطوير الربط الكهربائي مع الدول المجاورة. تجدر الإشارة إلى أن الأحمال القصوى على الشبكة ارتفعت من 34200 ميغاواط في 2022-2023 إلى 38000 ميغاواط في 2023-2024. ومن المتوقع استمرار هذه الزيادة في صيف 2025.
بالإضافة إلى ما سبق، تشمل الجهود الحالية تطوير شبكات التوزيع، وإنشاء مراكز تحكم جديدة، واستبدال العدادات التقليدية بأخرى ذكية أو مسبقة الدفع. كما تعمل الحكومة على تحسين مراكز خدمة العملاء لضمان تقديم خدمات أفضل وأكثر كفاءة.
تسريع وتيرة مشروعات الطاقة المتجددة
من جهة أخرى، تتسارع وتيرة التحول نحو الطاقة النظيفة في مصر. فقد أعلن رئيس الوزراء عن خطة عاجلة لإضافة 4000 ميغاواط من الطاقة المتجددة إلى الشبكة قبل صيف 2025. تأتي هذه الخطوة في إطار السعي لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتوسيع استخدام مصادر الطاقة المستدامة.
تستهدف مصر تحقيق نسبة 42% من القدرة المركبة من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030. ولتحقيق هذا الهدف، من المتوقع أن تصل القدرة الإنتاجية من الطاقة النظيفة إلى 12000 ميغاواط بنهاية عام 2026. ويُدعم هذا النمو بإضافة 3350 ميغاواط من بطاريات التخزين لضمان استقرار الإمدادات.
بالإضافة إلى الطاقة الشمسية والرياح، تولي الحكومة اهتمامًا متزايدًا بتطوير مشروعات الهيدروجين الأخضر، كجزء من استراتيجية وطنية أوسع لتعزيز استدامة قطاع الطاقة.
أبرز مشاريع الطاقة الشمسية
تستفيد مصر من موقعها الجغرافي المميز في تطوير مشاريع الطاقة الشمسية. ويُعد مشروع بنبان في أسوان أكبر مشروع للطاقة الشمسية في أفريقيا، بقدرة تصل إلى 1000 ميغاواط. يرافق هذا المشروع نظام لتخزين الطاقة بسعة 600 ميغاواط لتعزيز الكفاءة والاستقرار.
إلى جانب ذلك، تُنفذ شركة AMEA Power مشروع أبيدوس للطاقة الشمسية بقدرة 500 ميغاواط، والذي من المتوقع تشغيله في أكتوبر 2024. كما تعمل الشركة على تطوير مشروع إضافي بقدرة 1000 ميغاواط، مدعوم بنظام تخزين بطاقة 600 ميغاواط.
ويضم مجمع بنبان بالفعل 41 محطة طاقة شمسية عاملة. بينما تشمل المشاريع الأخرى محطة الكريمات للطاقة الشمسية الحرارية بقدرة 150 ميغاواط، ومشروع سيوة بقدرة 10 ميغاواط.
أبرز مشاريع طاقة الرياح
في المقابل، تمتلك مصر إمكانات كبيرة في طاقة الرياح. وتعمل الحكومة حاليًا على تطوير مشاريع بقدرة 3450 ميغاواط. ومن أبرز هذه المشاريع مشروع أمونيت لطاقة الرياح الذي تنفذه شركة AMEA Power بقدرة 500 ميغاواط، والمتوقع تشغيله في الربع الثالث من عام 2025.
تشمل المشاريع المستقبلية تحالفات مع شركات عالمية، مثل:
- مشروع البحر الأحمر (تحالف أوراسكوم – إنجي – تويوتا)
- مشروع أمونت النويس
- مشروع أكوا باور
- مشروع مصدر
أما المزارع الريحية القائمة، فهي تشكل الركيزة الأساسية في إنتاج طاقة الرياح، ومن أبرزها:
- مزرعة جبل الزيت (580 ميغاواط)
- مزرعة الزعفرانة (545 ميغاواط)
- مزرعة خليج السويس الأولى (262 ميغاواط)
- مشروع رأس غارب (262.5 ميغاواط) – أول مشروع مستقل بهذا الحجم في مصر
الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية
من جهة أخرى، تُواصل مصر تعزيز تعاونها الإقليمي من خلال مشروع الربط الكهربائي مع السعودية. يهدف هذا المشروع إلى تبادل الفائض من الطاقة بين البلدين، وتحقيق استقرار أكبر للشبكات القومية، خاصة خلال فترات الذروة.
يذكر أن، هذه الخطوات تعكس التزام الدولة المصرية الجاد بتأمين احتياجاتها من الطاقة بأسلوب مستدام ومتوازن. فمن خلال التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة، وتحديث الشبكة الكهربائية، وتعزيز التعاون الإقليمي، تضع مصر أسسًا قوية لمستقبل أكثر أمنًا وكفاءة في قطاع الطاقة. هذا النهج ليس فقط استجابة للطلب المتزايد، بل هو أيضًا خطوة محورية نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.