الأخبارسياسة

ميناء شرق بورسعيد: مشروع استراتيجي بمكاسب مؤجلة

يمثل ميناء شرق بورسعيد (المعروف سابقًا بشرق التفريعة) أحد أهم المشروعات الكبرى التي أطلقتها الدولة منذ أواخر التسعينيات، حيث وقعت مصر عقد الامتياز عام 1999 مع شركة قناة السويس للحاويات (SCCT) لتشغيل محطة الحاويات.

تملك شركة ميرسك العالمية 55% من أسهم SCCT، بينما تمتلك هيئة قناة السويس 20%، وتتوزع النسبة الباقية على جهات أخرى.

امتيازات مثيرة للجدل

في عام 2007، وافقت الحكومة على تمديد عقد الامتياز ليصل إلى 49 عامًا.

شمل هذا التمديد عدة امتيازات مهمة، أبرزها إعفاء الشركة من رسوم تداول الحاويات لمدة 17 عامًا. هذا الإعفاء أثار جدلًا واسعًا حول مدى استفادة الدولة من المشروع.

ورغم الأهمية الاستراتيجية للميناء وموقعه المتميز، واجهت الدولة تحديات بسبب صيغة التعاقد القديمة.. لذلك بدأت خلال السنوات الأخيرة مفاوضات جديدة لتحسين العوائد وضمان استفادة أفضل، خاصة مع اشتداد المنافسة الإقليمية.

مشروع المنطقة اللوجستية الجديدة: نموذج مختلف

مؤخرًا، وقّعت مصر اتفاقًا جديدًا لإنشاء منطقة لوجستية في بورسعيد مع مجموعة موانئ أبوظبي.

يتميّز هذا المشروع بنموذج تعاقدي أكثر وضوحًا وتوازنًا:

  • مدة العقد: 50 عامًا بنظام الانتفاع.

  • مسؤوليات الدولة: تنحصر مسؤولية مصر في تنفيذ البنية التحتية الخارجية فقط.

  • استثمارات موانئ أبوظبي: تموّل المجموعة البنية التحتية الداخلية باستثمارات تتراوح بين مليار وملياري دولار.

  • عائد مصر: تحصل الدولة على 15% من الإيرادات مباشرة.

مزايا النموذج الجديد

يضمن هذا النموذج عائدًا واضحًا لمصر منذ بداية التشغيل. كما أنه يخفف العبء المالي عن الدولة ويوفر فرص عمل جديدة، ما يدعم الاقتصاد الوطني بشكل مباشر.

مقارنة بين المشروعين

  • الملكية والإدارة: تظل الدولة مالكة للمشروعين، لكن ميناء شرق بورسعيد يُدار عبر شركة مساهمة أجنبية، مما يحد من قدرة مصر على تعديل العقود. أما المشروع الجديد فيعتمد على نظام انتفاع واضح يضمن سيطرة الدولة الكاملة.

  • العائد المالي: المنطقة اللوجستية توفر 15% من الإيرادات مباشرة، بينما حصلت الشركة المشغلة لميناء شرق بورسعيد على إعفاءات واسعة خفّضت العائد لفترات طويلة.

  • التكاليف: لا تتحمل مصر أي تكاليف للبنية التحتية الداخلية في المشروع الجديد، بخلاف مشروع شرق بورسعيد الذي تطلّب استثمارات كبيرة من الدولة في مراحله الأولى.

  • الشفافية والتوازن: يتسم اتفاق موانئ أبوظبي بوضوح وتوازن أكبر مقارنة باتفاقية ميرسك السابقة.

خلاصة

يمثل ميناء شرق بورسعيد قيمة استراتيجية على المدى البعيد، لكن طبيعة التعاقد القديم قللت من استفادة الدولة. في المقابل، يعكس مشروع المنطقة اللوجستية الجديدة تحولًا نحو نموذج اقتصادي أكثر عدلًا ووضوحًا، ما يعزز الإيرادات ويخفف الأعباء على الدولة، ليصبح حتى الآن النموذج الأنجح لمصر في هذا المجال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى